بالبركة يا عم .. و لدك ليس بأول فقيد عزيز ، و لن يكون أخرهم . ولدك كان أسطورة قبل كتابتي لرسالة العزاء .
لقد كان طموح جداً ، متسرع ، مغامر ، وكان أيضاً خلوقا ، طيباً .. والكثير من الصفات العَفوية .الله يعوضك خير فيه . أنت الذي طعنته بيدك ، ومن الخلف . المشكلة هنا انك كنت تُمثل دور المُكَرِم ، كنت تتظاهر بالجهل تارة وبالعفوية تارة أخرى . لم تكن تشعر بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقك ، لم تحفظ تلك الأمانة الربانية ، و الزينة المهداة لك من الرب . لقد كنت نِعم الأب لديهم !
أقران ابنك "رحمة الله "
كنت الزوج المخلص لزوجتك الثكلى ، كنت الأب المثالي ربما لابنك ، وها أنت الآن تبحث عن المثالية في حياتك . ما زلت أتخيل أن ذراعيي ابنك لم تكن تقوى حتى على حمل عَجلة السيارة .. أو لم تكن تقوى حتى على إزاحتها قليلاً .. لكن القدر يمهلك لكي تأتي اللحظة الحاسمة ، قمة الحرية الممنوحة له ، المساوية لقمة الغفلة منك بالتأكيد . ساعتها سيفقدك لذة الانتباه إلى ابنك المرحوم . و تدريجياً ستبدأ أنت بالبحث عن حياتك خارج إطار وقته الضائع . لكنَ ساعةً كانت تخبئ الدقيقة المشؤمة لنا ، أو لنكن بعيدين عن التشاؤم و نصفها بلحظة حصاد ما زرعت أيدينا .
اتصال ..
ألو , ولدك توفى في حادث... . لو سمحت راجعنا مركز .. إلى أخر المكالمة .
طوووط طوووط تساوت نبضات قلبك مع رنين الخط في كثير من الخصائص . لكن لعل سماعك للرنين سيعيد الذاكرة للخلف ، عندما جَردتك مشاغل الحياة عن "فلذة كبدك" ، عندما تعاملت معه بدلالٍ زادَ عن حَدهِ ، و منحته حرية لم يستطع الإلمام بها . منحته الأذى بشكل أو بآخر ..
و ليس بالضروري أن نترحم على أبنائنا في حوادث مماثلة لهذا الحادث ، لأن الكثير من الآباء قد يفقد أبنه بشكل أو بأخر . و الكثير من الآباء قد يعي ما أقول و قد يتجاهل ، و ربما أن ثقته بنفسه و بابنهِ ستكون أقوى من رسالتي وسط هذه الأحرف ، لكن أتمنى لاحقاً ألا يتبادر لك أنني كنت قد بدأت التشاؤم . و لتعلم أنني بادرتك الحقيقة عندما تكون مؤلمة !
الآباء الكرام : أبنائكم أمانة كلفتم بها و ستسألون عنها و ستحاسبون عليها .
و النظام للحفاظ على أرواحنا قبل أرواح الآخرين ، و إتباع جهل الآخرين ، تمرد منا على ذاتنا نحن . هكذا أرأى أنا . أتمنى أن تكون قد وصلت رسالتي .
--------------------------------------------------------------------------------