شكلة التأخر الدراسي من المشاكل الهامة التي تواجه القائمين على العملية
التعليمية من معلمين وموجهين وإداريين وقيادات تعليمية بالإضافة إلى أولياء أمور
التلاميذ . و لهذا أدركت الأمم المتحضرة أهمية و خطورة تلك المشكلة وبذلت كل الجهود
لمواجهتها ، بوضع الإستراتيجيات الكفيلة لحل تلك المشكلة لما لهذه المشكلة من
انعكاسات سلبية على شخصية التلميذ حاضرا و مستقبلا .
و لكى نتعرف على هذه المشكلة لابد لنا أن نتعرف على ظاهرة الفروق الفردية بين
التلاميذ .
أولا : الفروق الفردية بين التلاميذ :
مشكلة الفروق الفردية بين التلاميذ فى تعلم الرياضيات وغيرها من المواد مشكلة
ليست بجديدة ،ولكن إزاء التوسع الكمى فى التعليم وما تبعه من تعدد المستويات ،
واختلاف الدوافع والاستعدادات عند المتعلمين بالإضافة إلى فصول الأعداد الكبيرة ،
ونظرة المعلم إلى أن وحدته التعليمية هى الفصل ككل وليس المتعلم كفرد ….
كل ذلك زاد الهوة بين أفراد الصف الواحد ، مما جعل الأمر ليس صعبا فقط على بعض
التلاميذ بل عبئا على المعلم ذاتــــــــه.
ونظرا لاختلاف التلاميذ فى صفاتهم الجسمية ، واختلافهم فى مستوياتهم العقلية
اختلافا كبيرا ،واختلافهم كذلك فى سماتهم الانفعالية ، ونحن نلحظ هذا الاختلاف فى
حياتنا اليومية ، وهذا الاختلاف من الظواهر التى يهتم بها علم النفس . وتظهر الفروق
الفردية منذ الطفولة للآباء والمعلمين ، ولاشك أن المعلم يدرك من اللحظة الأولى
اختلاف تلاميذه فى الصفات الجسمية والعقلية والانفعالية ومهما كان المنهج الدراسى
،فإن المدرسة لا تستطيع أن تحدد للتلاميذ خبرات تعلم على أساس العمر الزمنى على نحو
سليم ،فالتلاميذ لا ينمون بمعدل واحد ،أو وفقا لتتابع محدد جامد .
تصنيف التلاميذ إلى مستويات و فائدته :
· الأسلوب الشائع فى هذا هو السماح للتلاميذ بالتقدم خلال الفرق الدراسية فى
المدرسة الابتدائية مع رفاقهم فى السن ،غير أن تصنيف التلاميذ على أساس العمر
الزمنى يجعلهم غير متجانسين فى كثير من القدرات والاستعدادات العقلية والتحصيل
الدراسى … الخ .
· لذلك يقترح تصنيف التلاميذ على أساس قدراتهم ، إذ من الممكن تقسيم تلاميذ أى
صف إلى فصول مختلفة وفقا للقدرات الكلية ولدرجاتهم فى التحصيل ويمكن أيضا أن يقسم
الفصل الواحد أقساما فرعية ، وقد هوجمت هذه العملية من قبل أولئك الذين ينظرون
إليها على أنها نظام طائفى داخل المدرسة ، فاحترام التلميذ لنفسه يتعرض للتهديد
حين يعرف أنه فى المجموعة الضعيفة ولكن هذه الصعوبة ليس منشؤها تصنيف التلاميذ إلى
مجموعات ، فالتلاميذ الذين لا يقدرون على القيام بأعمال على مستوى المعدل العادى
يشعرون بالنقص فى ظل أى تنظيم .
· وتصنيف التلاميذ فى مادة دراسية واحدة له فائدة كبيرة ، فمعلم المدرسة
الابتدائية يستطيع تقسيم تلاميذ الفصل إلى مجموعات مختلفة ، وسواء أكان الفصل منتقى
أم خليطا من تلاميذ المدرسة ، فهناك الكثير مما يمكن اكتسابه عن طريق تقسيمه للقيام
بأنشطة معينة ،فمن الممكن لأربعة تلاميذ يجدون صعوبة فى تعلم عملية الطرح مثلا
ينحوا جانبا لعدة أيام يدرسون فيها هذه العملية دراسة خاصة ، على حين يواصلون
دروسهم الأخرى مع زملائهم من تلاميذ الفصل .
والتعامل مع مجموعة متجانسة ما هو إلا محاولة للبحث عن طريقة تربوية تناسب هذه
المجموعة ، ولا فائدة فى التقسيم إذا قامت المجموعة بدراسة المادة العادلة بالطريقة
المألوفة .
· ولا ينبغى أن ننسى أن تنوع التلاميذ داخل الفصل له فوائده ، فعلى
سبيل المثال يمكن من أن يدرب على التوافق مع المستويات المختلفة فى القدرة ، وهى
مستويات سيواجهها خارج البيئة المدرسية ، وهى تتيح للتلميذ الذكى الفرصة ليزيد من
وضوح أفكاره وتحديد مفهوما ته من خلال حديثة لزملائه الذين هم أقل ذكاء .
· ومعنى هذا كله أنه ينبغى أن يتوصل المعلم إلى طريقة لتكييف
التعليم ليناسب الأفراد ، وستجد حتى فى الجماعات التى يفترض تجانسها فروقا كبيرة فى
الميول والمهارات . وتفريد التعليم ، أى أن يعمل المعلم مع كل تلميذ على نحو مختلف
، وهذه طريقة طبية لمواجهة الفروق فى الاستعداد ، وتستخدم طرق التدريس الفردى فى
العمل العلاجى لذلك .
· ويستطيع المعلم فى كثير من الحالات أن يبتكر نشاطا جماعيا يتيح لكل
تلميذ أن يعمل وفق مستواه ، وعندئذ يشعر بالتقدير لذاته لأنه يسهم فى مشروع الجماعة
بدون أن يتعرض للإحباط الذى ينجم عن عمل بالغ الصعوبة .
· وفى داخل الوحدة الأصلية يستطيع كل تلميذ أن يعمل فى جزء فرعى يثير ميله
واهتمامه ، وإذا كان لديه ضعف فى ناحية ما أو موهبة فى جهة خاصة ، فإنه يمكن أن
يعالج علاجا فرديا من حالة الضعف ويوجه إلى عمل ينمى ناحية القوة عنده .
وبصفة عامة هناك مدرستان لمعالجة مشكلة الفروق الفردية .
1- المدرسة السلوكية :
وترى أن كل طفل ( عادى ) قابل للتعلم بل قابل للوصول إلى نفس مستوى التمكن
وتحقيق الأهداف الموضوعة للجميع .
وتحل مشكلة الفروق بين الأفراد هنا عن طريق اختلاف نقط البدء والتسكين فى
أول الأمر وتحديد المستويات المسبقة والتى تعتمد على تحليل المهام التعليمية
وتسلسلها فى مهر مات من أعلى إلى أدنى حيث يسكن التلميذ فى الموقع الذى يتفق مع
مستواه الفعلى المبنى على اختبارات التسكين للمستويات المختلفة ثم بعد ذلك يترك
التقدم بحسب الخطو الذاتى للتلميذ ولا ينتقل من وحده إلى أخرى إلا بعد تمكنه ، وقد
يحتاج الأمر إلى إعادة التدريس أو إلى تدريس علاجى وفى هذه المدرسة يصل جميع
التلاميذ إلى نفس الهدف ولكن من نقط بداية مختلفة و بسر عات مختلفة .
2- المدرسة الإنسانية :
وترى بأن كل طفل – فرد متميز عن غيره – وأن ما يسمى بمراحل النمو هى متوسطات
ونزعات مركزية ، وأن كل طفل لابد وأن يوضع له الأهداف المناسبة لاستعداداته
وميوله .
و علاج مشكلة الفروق الفردية هنا مبنى على فكرة الاختيار الذاتى ووجود أكثر من
منهج ومقرر وتنوع البدائل والاختبارات
· وفى إطار المدرستين نجد كثيرا من الممارسات (الوسط) حيث تكون هناك أهداف عامة
مع إعطاء فرصة للتدريس العلاجى للتلاميذ المتأخرين دراسيا ، وإثراء للمتقدمين
الموهوبين ، ومعاونة للمعلم من خلال برامج إعداده قبل وأثناء الخدمة – فى تنويع
أساليب تدريسه وتوزيع أنشطته بين المجموعة والأفراد و التأكيد على إيجابية التلاميذ
واختيار الطرق و الأساليب التى تشجع إيجابية التلاميذ فى ضوء مقولة معروفة تقول :
"أنا أسمع و أنسى … أنا أرى وأتذكر… أنا أعمل وأفهم …"
*ولاشك أن أحد أهداف المناهج هو توفير الفرص لكل طفل حتى تنمو مواهبه وقدراته
العقلية إلى الحد الأمثل الممكن .
ثانيا : التأخر الدراسى :
سبق أن تحدثنا عن وجود فروق بين التلاميذ فى النواحى الجسمية،والانفعالية،
والعقلية، والمعرفية .
· وفى مجال الفروق فى النواحى المعرفية يمكن تقسيم التلاميذ إلى ثلاث مجموعات :
1 – المتفوقين .
2 - المتوسطون .
3 - المتأخر ون دراسيا .
وواضح أن تعريف التأخر الدراسى تعريف أخصائى ، حيث يعتبر التلميذ متأخرا دراسيا
إذا كان مستواه
فى التحصيل - فى مادة دراسية أو أكثر – دون المتوسط .
· ويرى بعض المربين الربط بين مستوى تحصيل التلميذ ومستوى ذكائه ، ويرون أن
المتأخر دراسيا هو الذى
يحقق فى التحصيل مستوى دون المستوى الذى يلائم استعداد ته العقلية : -
وظاهرة التأخر الدراسى فى المدرسة الإبتدا ئية يمكن النظر اليها فى ضوء فكرتين
أساسيتين :-
الأولى :
· أن هناك خصائص معينة إذا توافرت لدى التلميذ يسرت له التعليم
والتحصيل وإذا لم تتوافر تأخر دراسيا ؛ ففى
مجال القراءة مثلا وهى مرتبطة بجميع المواد الدراسية ، إذا كان عمر التلميذ
العقلى أقل من ست سنوات ، تعذر عليه إلى حد كبير تعلم القراءة مما ينعكس سلبا على
سائر المواد الدراسية .
· إذا كانت عيوبه سمعية أو بصرية فإنها تعوق تقدمه فى مجال تعلم
القراءة والكتابة وهذا يؤثر على سائر المواد الدراسية .
الثانية :
تسلم بقابلية التلاميذ للتعلم ، وبأن التأخر الدراسى يرجع فى الأساسى إلى عدم
ملاءمة البرامج التعليمية للتلاميذ ، وطبيعى أن البرامج التعليمية يرتبط تنفيذها
بعدد من العوامل البشرية والمادية والبيئة .
· ويمكن بطبيعة الحال اتخاذ إحدى هاتين الفكرتين مدخلا لمعالجة هذه الظاهرة ،
غير أن هذا التمييزلا يوجد فى شىء من العمق .
التأخر الدراسى فى مادة الرياضيات:
ربما كانت الخاصة المميزة الرئيسية بين المتأخرين دراسيا والمتفوقين هو
السرعة التى يتعلم بها التلاميذ الرياضيات .
وفى الوقت الذى ينمى فيه معظم التلاميذ القدرات العقلية التى تمكنهم من تعلم
الرياضيات فى المراحل المختلفة من نموهم العقلى إلا أنة توجد تباينات بين التلاميذ
فى معدلات السرعة التى يصلون بها إلى التمكن من المهارات والمفاهيم والمبادئ
الرياضية على الرغم من أن هناك عددا ليس بكبير من المتأخرين دراسيا لا يقدرون على
تعلم الرياضيات بسبب أنهم معوقين عقليا أو لديهم مشكلات سيكولوجية ،إلا أن معظم
المتأخرين دراسيا لا يتعلمون الرياضيات بصورة جيدة لأنهم لأسباب عديدة غير قادرين
على تعلم الرياضيات بالسرعة التى يقدمها بها المعلم حيث أن معظم المعلمين يقدمون
الرياضيات بسرعة تناسب الأعلى 60 % أو 070% من التلاميذ فى الفصل .
لذلك فإننا نرى أن مصطلح المتأخر دراسيا ينطبق على :
أولئك التلاميذ الذين ينجزون إنجازا ضعيفا لأنهم يتعلمون أبطأ من معظم زملائهم
فى الفصل .