ميرفت عوف
فيدرينا صبيح "أم سامي" واحدة من مئات الغربيات اللواتي تزوجن بفلسطينيين مغتربين، تعرفت على زوجها خلال تواجده في كرواتيا للدراسة، قابلته في الجامعة وكان المسلم الأول الذي عرفته.
كانت فيدرينا دائمة السؤال عن الإسلام والمسلمين، تناقش زوجها في كثير من الأمور فيوضحها لها كما يعرفها، ثم بدأ كلامه البسيط عن الدين الإسلامي يعجبها خاصة أنها لم تكن متمسكة بدينها الأول ولم تكن ترغب بمبادئ الشيوعية، ولم تكتفي أم سامي بذلك بل بدأت تقرأ أكثر عن الإسلام وتتعرف على مبادئه بشكل أكبر بعد أن أصرت أن يكون اعتناقها للإسلام عن إيمان كامل.
"لها أون لاين" تحاول خلال السطور التالية أن تقف على بداية رحلتها مع الإسلام وحياتها كغربية في بلد عربي، وما أثمرته على تفاصيل حياتها من سعادة وراحة واطمئنان بعد أن تحدت صعوبات الوجود في بيئة مغايرة لبيئتها، وتتحدث أم سامي أيضا عن المطلوب من المسلمة وعن دورها كغربية في نشر الثقافة الإسلامية في الخارج.. تابع معنا:
كيف استكملت مشوارك بعد زواجك من مسلم؟
ـ لم أكتف فقط باعتناق الإسلام وفقاً لشرح زوجي له ولمبادئه بل عمدت إلى توسيع معرفتي بالإسلام والمسلمين عبر القراءة في الكتب التي تثقف الإنسان دينياً وتربيه تربية إسلامية حقة، زوجي كان مسلما من فلسطين حاولت أعرف الكثير عن فلسطين والمسلمين فيها، أول ما جذبني للبحث أكثر عن الدين الإسلامي ومبادئه هو شرح زوجي لي عن الحجاب وأن المرأة المسلمة يتعين عليها وفقاً لتعاليم الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم، كنت أعتقد أن عدم ارتدائه عادياً إلا أن طريقة شرح زوجي للفرضية الدينية في ارتداء الحجاب جعلتني أكثر حباً واطمئناناً لهذا الدين ورحت أبحث أكثر في خفاياه ومكنوناته.
حياتي الزوجية سارت بتوفيق من الله فبعد أن تم الزواج مكثت وزوجي في كرواتيا لاستكمال دراسته الجامعية وأنجبت منه طفلاً ثم عاد هو إلى فلسطين بينما تابعت أنا إنهاء دراستي الجامعية هناك حتى لا أضطر للعودة مرة أخرى إلى كرواتيا ثم ما لبثت أن ولجت برفقة والدتي وزوجي إلى فلسطين عبر تصريح زيارة لمدة ثلاثة أشهر وانتهي التصريح ولم أغادر غزة؛ فقط والدتي عادت أدراجها إلى كرواتيا وبقيت برفقة زوجي وطفلي تغلف ملامح حياتنا السعادة والوفاء.
ماذا عن علاقتك بالإسلام في بداية استقرارك بغزة.. هل كنت مقتنعة تماماً به؟
ـ ونحن في كرواتيا كان زوجي دائم الحديث لي عن الإسلام فوجدته شيء عظيم كامل كنت مقتنعة به تمام الاقتناع، ولكن عندما أتيت إلى غزة وجدت بعض الناس "مش ماشية صح على الإسلام"، شعرت بفجوة بين الذي كنت أتصوره في مخيلتي وبين الواقع الذي وجدته، أيضاً الناس والبيئة المحيطة من حولي أخبروني أنه لكي أعيش بينهم يلزم أن أعلن إسلامي فكان الأمر مؤلماً لي رغم أني من الداخل مقتنعة تماماً بالإسلام بما قرأته وما سمعته من زوجي عنه فبدأ الصراع يدب بداخلي بين ما أنا مقتنعة به وما وجدته على أرض الواقع في غزة، كنت مقتنعة نظرياً وحدث التضارب على أرض الواقع لكني ما لبثت أن أعلنت إسلامي لأني كنت أود العيش بسلام وسعادة وراحة مع زوجي، وشيئاً فشيئاً بدأت أطبق تعاليم الدين التي قرأتها فبدأت بالصلاة لكنها كانت صلاة ممارسة بداية ومن ثم بدأت أقرأ كتاب الله باللغة العربية كنت أشعر براحة عظيمة خلاف ما كنت أقرأه بأي لغة ثانية جعلتني أستمر في إسلامي وبوتيرة أقوى وأعمق كنت أشعر بجمال ألفاظه وعظمة معانيه..
ماذا عن رحلتك مع تعلم اللغة العربية؟
ـ بداية تعلمي للغة العربية كانت مع زوجي وأهله تعلمت بعض مفردات الكلمات لأتمكن من التفاهم والتعايش معهم ومن ثّم عمدت إلى تعلم اللغة العربية مع مدرسة للغة العربية متقاعدة فأخذت عندها دورة تدريبية وبدأت مفرداتي تزيد وتتوسع ومن ثَّم كانت المرحلة الأقوى مع الجامعة الإسلامية حيث علمت بأن هناك دورات لتعليم القرآن للأجنبيات باللغة العربية فرغبتها كثيراً ورحت أتعلم أصول اللغة العربية وأصول تلاوة القرآن وهذا من فضل الله.
كيف أشبعت حياتك الإيمانية بالعلم والمعرفة؟
ـ البداية كانت مع قناة اقرأ كنت أتابعها خاصة برامج الداعية عمرو خالد وطارق السويدان ولم أكتف بذلك بل رحت أشترى أشرطة الكاسيت الدعوية وأسمعها لأعمق إيماني وتعلقي بالدين الإسلامي كما عدت إلى الالتحاق بدورات بمركز علوم القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية، حيث التحقت بدورة قرآن كريم مع المحفظة أم ناجي الخضري بدأنا بحفظ آيات القرآن الكريم أولاً ومن ثّم التعرف على قصص الأنبياء وكانت أول قصة عرضتها علينا قصة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وزوجاته والأنبياء الأمر الذي زاد معلوماتي.
ولم أكتف بذلك بل أحاول في وقت الفراغ أن أطور من ذاتي دينياً وإيمانياً أقرأ المزيد من الكتب الدينية وأطلع على المزيد من البرامج أحاول أن يبقى لساني دائماً رطب بذكر الله العظيم بتلاوة القرآن وتدبر آياته، أحاول تفسير بعض الآيات وأطلب مساعدة زوجي في شرح بعض الأمور، كنت كلما قرأت أكثر عن الإسلام شعرت بأني أقرب إليه من ذي قبل يمدني بالراحة والهدوء والقوة فأزيد عباداتي وتقربي إلى الله أكثر وأكثر.
الآن وبعد مرور أربع سنوات على إسلامك، برأيك ما دور المرأة المسلمة تجاه مجتمعها؟
ـ دورها يتلخص في أن تكون داعية راعية لهذا الدين، ومهمتها الأساسية أن تنشئ أجيالاً مسلمة من أبنائها عن طريق تربيتهم تربية إسلامية سليمة قويمة وهذا كفاية، فالمرأة إذا ربت أطفالها تربية إسلامية صحيحة منذ بداية حديثه فإذا لقنته التعاليم القويمة فإن ذلك سيكون خيراً له ولها ولدينه بخلاف إذا ما تركته دون أن تغرس فيه الأصول القويمة للدين الإسلامي فإنه يبتعد عن الدين والعقيدة الإسلامية مما يعود بالأذى علي المجتمع ككل.
عند السفر للأهل.. كيف تسهمين في نشر الإسلام كحضارة وثقافة؟
ـ حين أسافر إلى بلدي أظل محجبة وهذا أكبر تحدي يواجهني. هناك الكثير من الأجنبيات حينما يغدون في زيارة إلى بلدهم يخلعون الحجاب.
الحجاب يجعل الجميع يتساءل عن هذا الدين الذي ألزمك وهنا يكون المدخل للقيام بدور الداعية بتعريف الأهل هناك بالإسلام وتحبيبهم فيه، أحاول أن أغير قناعتهم وأن أجذبهم للدين الإسلامي وبالفعل بدأت والدتي تتغير رغم أنها طول الوقت تمكث بالكنسية ومتعلقة جدا بالمسيحية إلا أن تغيري وسعادتي التي غمرت ملامحي بهذا التغيير تجعلها تلين ويرق قلبها لتسمع مني المزيد عن الإسلام آمل أن أجذبها إليه لتعتنقه وتعلن إسلامها فهو دين عظيم إذا ما التزمنا بتعاليمه كما أنزله الله سبحانه وتعالى وجاءت تفاصيله في سيرة رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
مع الفرق بين الثقافة الغربية التي كنت فيها وبين الثقافة الإسلامية العربية، كيف حاولت التأقلم مع هذا الاختلاف؟
ـ في البداية واجهت أزمة كبيرة، كان هناك اختلاف كبير لم أتكيف مع بعض الثقافات لكني حاولت عدم الاهتمام فيها حتى لا أتأثر وينعكس ذلك سلباً على قناعاتي الإسلامية، كنت عندما أقرأ عن الإسلام أخذ دافع أكبر للتمسك به.
أكثر شيء كان يزعجني محاولة إجبار الناس هنا لكل متزوجة من مسلم أن تعتنق الإسلام بسرعة وبأسلوب أمر وسيطرة بعيد عن روح الإسلام، فمسألة الدعوة للإسلام للأجنبيات غير المسلمات لا يكون بالرأفة والرحمة، طبعاً هذه ليس قاعدة عامة وإنما موجودة رغم أن الإسلام والله في كتابه العظيم يقول " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة" وأن الدين لله.
عندما تقارنين بين حياة المرأة المسلمة وغير المسلمة.. أين تقفين؟
ـ تتمتع المرأة المسلمة بالراحة النفسية والرضا عن النفس والهدوء والاستقرار والسعادة والتي تستمدها من تعاليم دينها الإسلامي، المرأة المسلمة تجدها صابرة تلتجئ إلى الله وتحصن قلبها بالإيمان وهذا ما نشهده في أمهات الشهداء الذين فقدوا أبنائهن بعد أن عانوا في تربيتهم ليشبوا أمام أعينهم فنجدهم قويات صابرات بقوة إيمانهم، المرأة المسلمة تستطيع أن تواجه كل ما يعترضها من مشكلات في حياتها بإيمان قوي، إضافة إلى القدرة على التواصل بإيمان وعزم حتى إذا ما اعترضت طريقها الأزمات.
أما المرأة الغربية عندما تتكالب عليها همومها تؤدي بنفسها إنهاء حياتها بيدها بالانتحار، وتفعل المرأة الغربية أشياء كثيرة تفعلها دون حسيب.
حسب تجربتك.. كيف انتقص المجتمع من الحقوق التي تمتعت بها المرأة في الإسلام؟
الإسلام أعطى المرأة حقوق كاملة لا غبار عليها، ولكن المجتمع نفسه لا يراعي جيداً هذه الحقوق، على سبيل المثال المحاكم نفسها لا تطبق الحقوق الشرعية بشكلها الصحيح، فبحكم عملي أخصائية نفسية يأتي إلينا كثير من النساء المنفصلات عن أزواجهن ولأي من الأسباب قد لا تحصل على النفقة الضرورية لتسيير أمور حياتها، حتى المحكمة أحياناً تطلب منها التنازل عن حقوقها لصالح الزوج، المرأة أيضاً تتعرض لعنف كبير رغم أن الرسول عليه الصلاة والسلام أوصى بالنساء خيراً