سيب المسطرة في حالها يا أبني وطلّع صباعك من مناخيرك وأنتبه معايّه " صرخ مدرسنا ( زينهم ) بتلك الجملة قاطعاً بها انهماكه في الشرح , ما أن انتهى من كلامه وعاد ليكتب على السبورة إلا و ورقة ٌ صغيرة تستقر على طاولتي .. فتحتها فوجدت قد كتب بها : هاه يا مستر بدا الموضوع وإلا ما بعد ؟ .. التفت إلى زميلي ( طحنون ) فإذا به يعدل تشخيصت شماغه .. هززت برأسي له كناية عن الموافقة ومن ثم أمسكت بأحد الكتب وسرحت بمخيلتي بعيداً
لم ألبث طويلاً إلا وورقة جديدة تستقر على طاولتي مجدداً.. قد كتب فيها : ههههه يالخبل عدل كتابك تراك ماسكه بالمقلوب !! .. إلا تعال وش صار على رخصتك طلعتها وإلا للآن مأجلها عشان خايف من موضوع التبرع بالدم ؟
نظرت إليه وقد ارتسمت على ملامحي علامات الشحوب ومن ثم هززت برأسي كناية عن الموافقة أيضًا.. نظر إليّ لوهلة ثم كتب ورقة جديدة وسارع برميها إلي : خلاص أسمع بعد ما نطلع من المدرسة بمرك وبنروح أنا وأياك للـ … ( الورقة صغيرة وما كفى الكلام ) .. لحظات فإذا بورقة أخرى تسقط علي : باك هههه .. سوري أبوي دخل علي وأنا جالس أكتب لك يا حياتي لذا رميتها قبل لا تكتمل هههه .. المهم إذا طلعنا بنروح للمستشفى عشان نخلص الموضوع .
بعد انتهائي من القراءة رفعت رأسي وابتسمت فرحاً من موقف ( طحنون ) معي .. قطع ابتسامتي صوت المدرس مرةً أخرى وهو يقول : يا أبني مش عشان ئلت لك طلع صباعك من مناخيرك تؤم تدخل المسطرة بدالها .. أهجد بئه وأنتبه معانا قزاك الله خير !! ..لم يكد المدرس أن ينهي توبيخه إلا و ( طحنون ) قد ألقى عليّ ورقة جديدة كتب فيها : عارف بدون ما تقول لي , أكيد اشتقت لي .. صح ؟ .. عمومًا ياليت ترجع لي الورق اللي رميته لك قبل شوي الدفتر حقي خلص يا أخي
* * *
عندما انتهاء الدوام المدرسي عدت إلى المنزل فسمعت صوت غريباً " طق طق طق طق " .. ألقيت نظرةً على فناء المنزل فوجدت والدي لابسًا زيه الرسمي المعتاد ( فنيلة علاق + صروال سنة ) وقد حمل على كتفه أختي الصغرى كي يجعلها تقطع جذوع الأشجار بأسنانها .
بعد الغداء حملت أختي وصعدت بها الدرج متجهاً إلى غرفتي فستوقفني صراخ والدي لي : على وين ماخذها يا أبو الشباب ؟؟ .. انتابني الخوف من صراخه ولم أستطع أن أجيبه فإذا به يستطرد ويقول : لا تتأخر ترى بأخذها اقصص بها الشجر بعد شوي
مضى حوالي الساعة دخل والدي إلى غرفتي وقد كنت منهمكاً في تخريم الأوراق بأسنان أختي.. فصرخ علي مرةً أخرى : خيررر وش جالس تسوي يالهيس ؟؟ .. انتابني الخوف مجدداً فوضعت أختي على الطاولة وقبل أن أجيبه أستطرد قائلاً : ما خلصت للحين ؟؟ .. يلا بسرعة بنزل أكمل تقصيص الشجر .. ابتسمت ثم " طق طق " خرمت آخر ورقة وقلت له : خلاص خلصت تقدر تأخذها <<— حشى تمد له خرامة
حمل والدي أختي على كتفه وهمَّ بالخروج ولكني قاطعته قبل أن يخرج بسؤالٍ قد أرق مضجعي : ليه يا يبه من عرفنا الدنيا وحنا في محلنا وما نتحرك ؟؟ .. نظر والدي إلي نظرات تهكمية ثم أردف ساخراً : أكيد ما راح تقدر تتحرك أنت وراسك ذا المثلث اللي أكبر منك .. صدقني تراك ما تنلام إذا ما تحركت لأن اللي يشوف راسك يقول مرساة سفينة ترى .. وقفت وأنا غاضب وقلت : لا يا يبه أفهمني بس .. ليه مهما نسوي ومهما نفعل ما يتغير شيء !! .. ليه كل ما نمد يدينا لشيء نلقى أنفسنا ما نقدر نوصل له ؟! .. لم يعيرني والدي أدنى اهتمام وهمَّ بالخروج وهو يقول ضاحكاً : هههههههه وش اللي تبيه وما قدرت توصل له تكفى ؟ .. حسيتك جالس تحاول تأخذ بيالة من دولاب المطبخ ولا قدرت .. يلا بس كمل مذاكرتك ولا يكثر .
* * *
بعد أداء صلاة العصر يرن الجرس .. خرجت من المنزل وأنا أحمل أختي على كتفي ( منتب عاقل يا سلفر ) لأجد طحنون في انتظاري .. ركبت معه في السيارة وسلمت عليه وقبل أن يجيبني إذا بالسيارة تصرخ ( طاااااط .. طااااااااط ) دهشت وألقيت نظرة في الجوار فوجدت أختي قد قضمة ناقل الحركة والسيارة تصرخ بضرب البوري من شدة الألم <<— شكل أمي متوحمة على دباسة يومها صغيره .. إلا على الطاري من يدري شخباره ؟؟
ترجلت من السيارة ووضعت أختي في داخل المنزل ومن ثم عدت فإذا بي أرى بعض قطرات الماء قد خرجت من رديتر السيارة .. ضحكت وقلت في نفسي: شكل السيارة قامت تصيح بعد العضة !! .. ركبت مع ( طحنون ) وبعد عدة دقائق من القيادة خاطبني : شف يا ( مستر أي ) هدي أعصابك و روّق ترى الموضوع كله بسيط اسألني أنا قبل شهر مطلع الرخصة وأموري كلها تمام .. ما فيه شيء يستاهل تخاف منه .. ثق بي !!
وضعتي يدي على يده والتي بدورها كانت على مسجل السيارة منذ أن ركبنا : أولاً .. لا تقول ثق بي لأنها كلمة كفار ودايم يقولونها في الأفلام ( الثقافة صفر ) . ثانياً .. أنا ما خفت ولا شيء , أنت بس لو تترك هالمسجل عنك صدقني بنصير بخير .. لأنه صار لنا ساعة وحنا نمشي وأنت ما غير تقلب في هالمحطات .. مدري وش تدور صراحة ؟؟ , بس حسيتك بتطلع لنا بمحطة جديدة .. عموماً ياليت توقف قبل لا ندخل على موجات اتصال سكان الفضاء ماله داعي ندخل في خصوصياتهم
أطفئ ( طحنون ) الراديو وتفوه مبرراً ومرقعاً : هههههه شفيك شبيت فيني الحين أنت !! .. يا أخي كل الحكاية وما فيها إني أمس سامع أغنية زينة وأعجبتني وجالس أدورها كل تو .. سكت للحظة ثم أستطرد بضحكة قبيحة كادت أن تكسر زجاج السيارة : ههههههه يوووه والله يا البيت اللي تو لي فيه ذكريات ألييييمة .. أذكر يوم كنت بزر كنت جالس أمشي في الحارة وشفت على جداره قطوة .. صدقني يا مستر حاولت وحاولت وحاولت أني أمشي وأكمل طريقي بس ضميري حتم علي أني ما أتركها
قاطعته مستفهماً: اصبر اصبر .. خبري فيك أنك بايع ضميرك عشان تشتري كنادر كورة يومك صغير ؟؟ .. ما علينا المهم بس كمل وش سويت ؟؟ .. يبتسم ابتسامة خبث ويقول : أبد ما سويت شيء , بس سلمت عليها …… بالزبيرية .. قاطعته باستهجان : يا قاسي يا شرير يا وع .. شلون طاوعك قلبك تروح وتتركها وهي مصابة بدون ما تكمل عليها وتقتلها <<– ياليتك سكت تكفى
يضحك ( طحنون ) ثم يكمل : المشكلة مهيب في القطوة أساسًا .. المشكلة هي أني يوم رحت أجيب زبيريتي اللي طايحه لقيت فيه وحدة أمريكية معصبة وجالسة تصارخ وتسب وتدعي علي بعد .. عاد أنا يوم شفت الدعوة وصلت للدعاء قلت لها وأنا جالس اسحب رجولي بشويش ( سوري .. سوري .. بليز استغفري )
قلت له : هههههههههه أجل دعت عليك , زين ما قلت أنك شفتها وهي لابسة جلال وهي تدعي بعد .. عمومًا دام أنك فتحت لي قلبك أنا بعد بفتح لك قلبي .. تشوف المدرسة اللي قبل شوي مرينا من جمبها ؟؟ . هذي يا طويل العمر كانت مدرسة أجانب وأنا إلى وقت قريب كنت أحسبها اختلاط .. أذكر كنت أروح كل يوم أصيح عند أبوي أبيه يسجلني فيها .. يلعن أم الفله يا أخي .
تخيل لما يطيح قلمك وأنت في الفصل تمده لك وحدة اسمها عبير مهوب مشعان مدري وشو .. وإذا المدرس كلفك ببحث أو عمل تروح تسويه مع هنادي وريم .. هذا غير أنك بتصير تذاكر طول اليوم وخطر لا تصير إذا وقفت عند الإشارة تطلع الكتاب من تحت المرتبة وتقرأ فيه , وكله عشان تشارك عند الأبله هدى .. ااااه بس يا زين ذيك الأيام .. قطع تفكيري المنحرف صوت ( طحنون ) وهو يقول : هيه يا أبو فك المرتبة لا تحضنها تراها مهيب هنادي وريم صديقات أحلامك .
سكتُ لوهلة ثم استطردت مصرفاً لما حدث وأنا أنظر من النافذة: يووووه يا طحنون .. شفت المسجد اللي مرينا من جمبه تو ؟ .. تراه أخر مسجد يصلي في الرياض , يتأخر مره في الإقامة لدرجة أنك لو تجي لمه المغرب بتلقاه توه جالس يصلي العصر .. ولا بعد في الركعة الثانية .. المهم بس ما قلت لي , سمعت المقولة الجديدة المنتشرة ؟؟ .. يقول لك يا طويل العمر ( قلب المرأة معلق في الحب , بينما قلب الرجل معلق في الطعام ) .