( سليمة ) هي المسؤولة عن البيت بعد أن توفي والدها إثر حادث عمل في أحد الطرق عندما كان يحاول تركيب عيون القطط مما أدى إلى خروج سيارة من مسارها والارتطام به وضغط وجهه على الإسفلت ليصبح أحد عيون تلك القطط وينتقل إلى رحمة الله ...
تتمتع ( سليمة ) بشخصية عصبية لدرجة أنها تتشاجر مع ذبان وجهها حتى أنه مع الوقت لم يعد الذباب يتجرأ أن يقف في وجهها وذلك لقلة عددهم بسبب الوفيات ..
حملت على عاتقها مسؤولية تربية أخوتها الصغار وتدريسهم ونقل بعضهم إلى مستشفى العظام بعد نهاية الاختبارات بسبب رسوبهم ..
كانت الصرامة تشع من عينيها لدرجة أن جميع المحلات في الأسواق يعرفونها عندما تضع السعر على السلعة التي تريد شرائها فإنها تحصل عليها وذلك بسبب طول لسانها وإصابة كثير من الباعة بالصمم من شدة الصراخ والمكاسر والمفاصل ..
كذلك هي لا تحب الخطأ أو الحال المائل ففي أحد الأيام وبينما هي في السوق تتبضع فإذا بها تشاهد فتاة تحاول الهرب من شاب يحاول أن يضع الرقم في شنطتها لتقول للبائع عطني الجزمة الكبيرة هذيك .. أعطاها بسرعة لتلتفت إليه وهي تجز على أسنانها والصرامة تشع من عينيها خل الأغراض عندك وفي امك خير شف وش في الكيس عشان آخذ جلدك وأفصله شنطة لي .. رفعت عباءتها حتى تستطيع السير وتوجهت لذلك الشاب لتضع نصب عينه الجزمة ومن ثم أمسكت بذراع الفتاة وأخذت ترجها حتى كاد مخها أن يتبعثر وهي تصرخ في وجهها .. إذا ما تبين أحد يعاكسك لا تلبسين مخصر ونقوش وزخرفة حلاة جسمك هاللي ناقصه خطوط صفر ويطلع قلم مرسم ... وبينما هي تنصح الفتاة فإذا بأحد اعضاء الهيئة يمر بجانبها وهو يقول لها بوركت يا أختاه وأثابك الله في نصر الحق وردع الباطل .. معذرة على تدخلي ولكن أريد أن أطلب منك طلب هل تقبلين أن تكوني متعاونه معنا في الهيئة .. قالت له عطني أرقامك وأفكر ..
أخذت الأرقام من الشيخ لتعود للبائع وتتفحص أغراضها ومن ثم خرجت من السوق .. لتوقف صاحب تكسي الذي فكر في إستغلالها برفع أجرة المشوار كما يفعل أصحاب التكاسي مع النساء ولكن العاقبة كانت وخيمة لأن الدفاع المدني حاول إخراج رأسه من داخل الطبلون إثر رجفة كادت تودي بحياته ليتنازل عن السعر لتقول له .. لازم تاخذ حقك خلاص أنا صرت شيخة هالحين ما ينفع أكل حقوق الناس ورمت في وجهه عشرة ريالات ليأخذها ويشاهد الصورة المرسومة على العملة وقد أصابها الشحوب من الخوف لتزفر كناية عن الراحة لأنها خرجت من محفظة ( سليمة ) ..
* * * *
أتت إلى المنزل وأمسكت سماعة الهاتف وهي تتطلع إلى أخوتها بنظرات حارقة لتقول لهم .. أنا أبكلم هالحين أسمع نفس واحد منكم شفتوا هالتلفون لأخليه يبلعه وان بغينا نتصل نضغط بطنه ونمسك يده ونحطها على اذانينا ونكلم .. على الله أسمع صوت واحد فيكم يا كلاب ...تكوم أخوتها في الزاوية وكأنهم حشرات تهاب المبيد .. لتضغط أرقام الهاتف ليخرج صوت فتاة مرتجفة وهي تقول .. هلا ( سليمة ) كيفك وينك ووين أيامك من زمان عنك تصدقين اشتقـ .. ( تشب ) قاطعتها سليمة بتلك الكلمة لتكمل قولها بكل برود .. شايفتك قبل كم ساعة في المدرسة أمداك تشتاقين لي .. المهم أنا بكره يمكن ما أقدر أجي عندي موعد في الهيئة .. خيم الصمت للحظات لتقول ( سليمة ) لا يروح تفكيرك لبعيد بس أفكر اشتغل متعاونة معهم .. قالت لها طيب أنت ناسيه أن بكره بيجون مجلس الامهات وكلهم يبونك عشان يتكلمون معك بخصوص اللي تسوينه في بناتهم ... اقفلت السماعة في وجه زميلتها كعادتها حتى مع المديرة وحتى مع موظفي التربية والتعليم السماعة تدوخ من كثر الصفق .. لتقول لها والدتها وانا أمك .. بصوت هامس لم يستطع الهواء نقل كلماتها بسبب خوفه منها .. لتلتقط أذنها الحساسه كلمات والدتها لتجيبها .. نعم .. يا بنيتي هدي نفسك بيجيك سكر وضغط من هالعصبية .. قالت ... والله يا يمة لابد من الأصلاح والناس ما تجي الا بالعين الحمراء حتى لو يضطر الواحد أنه يقطر في عيونه شطه عشان تصير حمراء أهم شي انه ما يخف الحَمَار عشان محد ياكل حقك ..
دخلت إلى غرفتها وخلدت إلى النوم لتستيقظ في الصباح الباكر وتلبس ملابسها وتخرج إلى فناء منزلهم لتنتظر السائق .. ما إن وصل حتى خرجت من المنزل ولفت حول السيارة باتجاه السائق بكل هدوء لتفتح باب السائق وتمسكه من ثوبه وتخرجه بعنف وترفع عبائتها وتضرب به ركب وبقوس وهي تقول متأخر ثلاث دقايق يا حيوان والنساء في الفان يصرخن .. خلاص يا ( سليمة ) أعتقيه خلاص والله مهوب منه السبب بنشر علينا الكفر .. ما إن سمعتهن يقلن هكذا حتى قالت للسائق ورني الكفر اللي بنشر أخذها إلى الخلف وأخرج الكفر لتمسكه وتلقي به بعيدا .. وهي تقول الكفر اللي ما يحترم مواعيدة ما يستاهل انه يكون في السيارة اشتر غيره .. صعدت إلى السيارة لتستقبلها النساء بفناجيل القهوة والتمر وكأنها أميره لتقول أحد المعلمات الله يعينا اليوم على مجلس الامهات وفلسفتهم ليش تقولون لبناتي كذا وليش تسوون لهم كذا .. أنا بنتي محد قد مد يده عليها حتى أبوها ... رمت ( سليمة ) بالفنجال ليكسر الزجاج الجانبي إثر حديث المعلمات ليقول صاحب الفان بعصبية من اللي رمى الفنجال لتقول ( سليمة ) أنا اللي رميته ليقول لها حلالك واذا ودك تكسرين الجهه الثانية أتوقع بيكون شكل الفان روعه ومنه يجينا براد زياده .. صمت بعدها ليصلوا الى المدرسة
* * * *
دخلت ( سليمة ) إلى فصلها ليتوقفن الطالبات عن التنفس حتى أن واحدة منهن أغمي عليها لتنقلها سيارة الاسعاف الواقفه في فناء المدرسة وهذه السيارة هدية من وزارة الصحة للمدرسة لكثرة المصابين فيها .. لتقول ( سليمة ) اللي ما حلت الواجب واللي ناقلته واللي فكرت انها تنقله توقف قبل ما اعلقها مع شوشتها في المروحة .. نطقت حديثها وهي تنظر تنظر إلى الطالبات اللواتي حلقن رؤوسهن قرعة وكأنهن في الحج ... وقفت طالبه تتمتع بشعرها فما كان منها إلا أن ربطت ( سليمة ) بشعرها في المروحه واشعلتها على رقم واحد لتدور وتدور حتى تقطع وجلست بجانب زميلاتها بقرعتها وهي تبكي ..
أعطتهم الحصة والطالبات غائبات عن الوعي من شدة الضرب والتوبيخ لتخرج بعدها إلى الفناء حيث مجمع الأمهات اللواتي كن ينتظرنها لتمسك بمقرفون المدرسة ومدرسة الدين تقول لها أستاذه ( سليمة ) لا ترفعين صوتك ترى صوت المرأة عورة .. بعدها سقطت مدرسة الدين من فوق المنصة وحبل المقرفون حول رقبتها لتساعدها الوكيلة في تخليصها من الحبل قبل أن تموت شنقا .. لتضرب ( سليمة ) على المايك بيدها ومن ثم تقول .. أخواتي المعلمات وبعض الامهات الفاضلات والبعض الأخر فضلات أقول لبعضكن فضلات لما تفرزونه لنا بتربيتكم الدنيئة وتخرجن لنا شرذمة من الفتيات الناعمات المتمردات على العادات والتقاليد ... أي فتاة تعرضت للضرب من قبلي فإنها تستحق ذلك بجداره ولو حصل لي لصلبتها على منصة الأذاعة طوال فترة الدراسة حتى تكون عضة وعبرة لزميلاتها .. وإذ تهيب مدرسة الاربعون لوليات الامور بأخذ الحيطة والحذر وتعلم فن التربية وإلا سوف أكون أنا المربية ولا أخفيكم لقد تم ترشيحي بأن أكون متعاونة في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأي فتاة تقع في يدي لا تلوماً إلا نفسها خسئتم جميعاً ..
انهت كلمتها وانهال التصفيق لها ونزلت من المنصة والأمهات يطلقن الأهازيج ويقمن بالتصفير لتلك الكلمة العصماء لتقول أحد الأمهات بصوت عالي بالطول بالعرض الاستاذة ( سليمة ) تهز الأرض .. لتقف لها ( سليمة ) وهي تقول شايفتني واقفه في نصف الأستاذ لابسه شورت وجالسه ادقق بكورة يوم تقولين بالطول بالعرض منهي بنتك .. بلعت ريقها بالكاد قبل أن تقول أنا بنتي ( سديم سعيد ) اللي فقعتي وجهها قبل كم يوم .. وتراني ماجيت عشان هالشي لاني اعتبرته قضاء وقدر اللهم لا اعتراض .. قالت لها ( سليمة ) شوفي المرة هذي فقعت وجه بنتك واليوم غايبه ما جت قولي لها بكره لو ماجت ابأنزل هبوط مضلي على بيتكم وأسحبها من رموشها ..
بعدها اكملت سيرها وبلعن الامهات الشكاوي التي بخصوصها خوفا منها لتتجه نحو غرفة المعلمات وتشاهد مدرسة مصرية قد وضعت فسحتها سندوتش فلافل وبعض حلقات البصل لتمسك بالمصرية وتبرحها ضرباً وهي تقول لها تاكلين بصل في بيتكم يلعن أبو كبدك اللي كنها كبد حمار والمصرية تصرخ .. آخر مره يا استازة سليمة والله العظيم انا حبطل البصل مكنتش أعرف انه منكر .. تسدأي بالله هو اللي قي معاي في الشنطة مكنتش أعرف ... أخذت تضربها ضربا مبرحا حتى أن الأثاث بكى من هول الموقف .. لتدخل طالبة وتقول في اذن الاستاذة / سليمة بوشوشة خافته لتفلت المدرسة المصرية التي وقعت وضرب وجهها في حافة الطاولة وهي تحاول أن تتشبث بها لتقف ( سليمة ) وهي تتجه إلى مكتب المديرة وتطلب منها بأنها سوف تقوم بتفتيش فصل ثانية ثانوي ..